جمعية أبي رقراق تنظم الندوة الأولى لسلسة ندوات “وادي أبي رقراق … قصة حياة”

b3

نظمت جمعية أبي رقراق يوم السبت 26 نونبر 2016 بقصر المؤتمرات أبي رقراق – سلا، الندوة الافتتاحية لسلسة ندوات “وادي أبي رقراق … قصة حياة”، بمساهمة ثلة من الباحثين والأساتذة الجامعيين والمختصين، وبحضور رئيس جماعة سلا ورئيس جمعية رباط الفتح ورئيس جمعية ذاكرة الرباط – سلا وعدد من المهتمين بالتراث والشأن الثقافي.

وافتتحت أشغال الندوة بكلمة ترحيبية للسيد نور الدين اشماعو رئيس جمعية أبي رقراق، الذي أكد أن الجمعية منذ تأسيسها حققت تراكما معرفيا وثقافيا في مجال التراث والذاكرة على المستويين الوطني والمحلي، ولتعزيز هذا المسار تم إنشاء نادي الذاكرة والتراث للحفاظ على الموروث الثقافي الهائل الذي تزخر به مدينة سلا والعمل على توثيقه وإحيائه للتعريف به، مضيفا أن تنظيم هذه الندوات يعكس وفاء الجمعية بالتزاماتها وأهدافها في العناية بمقومات هوية مدينة سلا في إطار علاقتها بمحيطها.

وفي كلمتها بالمناسبة، أكدت السيدة عائشة بلعربي رئيسة نادي التراث والذاكرة ورئيسة الندوة، أن الجمعية في إطار اهتمامها بتراث المدينة باعتباره أحد مرتكزات التنمية، تنظم سلسلة ندوات حول التراث اللامادي لمدينة سلا، والتي اختير للندوة الأولى منها عنوان “المكونات الجغرافية والمعطيات التاريخية لوادي أبي رقراق”، باعتباره القطب المادي والثقافي والروحي للمدينة وصلة الوصل التاريخية والمجالية بين العدوتين، والهدف هو التذكير بكل ما رافق الوادي من أحداث وطقوس وتقاليد ظلت راسخة في الأذهان.

من جهته، هنأ السيد جامع المعتصم رئيس جماعة سلا جمعية أبي رقراق على تنظيم هذه الندوة القيمة التي تبحث في تراث وادي أبي رقراق بغاية التعريف بمكوناته الجغرافية وبالمعطيات التاريخية التي يشهد عليها هذا المجال الطبيعي المتميز، مؤكدا على أهمية تظافر الجهود من أجل صناعة حاضر يجسد التلاحم بين تاريخ المدينة وحاضرها في أفق استمرار التنمية والتطور. وأضاف السيد المعتصم أن إعادة الاعتبار للمضمون الثقافي الحضاري للمدينة يشكل إحدى أولويات المجلس الجماعي لسلا الذي لن يدخر جهدا للنهوض بالمجال الثقافي والتراثي لمدينة سلا العريقة.

 وقد تمحورت أشغال الندوة الأولى حول وادي أبي رقراق في إطار جلستين:

– الجلسة الأولى “وادي أبي رقراق .. المجال والإنسان” :

خلال هذه الجلسة ألقى الأستاذ عبد الله العوينة مداخلة تحت عنوان “واد بو رقراق، مجال متفرد ضمن المجموعة الحضرية للرباط – سلا”، أكد من خلالها أن حوض بو رقراق يعد أحد الأحواض المائية المغربية الرئيسية، يمتد أساسا على ما يزيد على النصف الجنوبي لجهة الرباط – سلا – القنيطرة بمساحة تناهز 9970كم²، ويتحدد عمليا استخدام موارده في إمداد مياه الشرب للنطاق الساحلي، غير أن هذا الفضاء، قد عانى، منذ بناء سد سيدي محمد بن عبد الله، من آثار تلوث المياه انطلاقا من الأحياء المطلة على مصب النهر، ذات التوسع العفوي وغير المنظم والأنشطة غير المراقبة. وختم الأستاذ مداخلته بخلاصة مفادها أن وادي أبي رقراق الذي يشكل وسطا متفردا يمثل محمية بيئية نفيسة بين حاضرتين تعيشان تطورا ديمغرافيا واقتصاديا كبيرا، يفقد تدريجيا مظاهره الخلابة، بينما كان من المنتظر أن يمثل رابطة وثيقة بين سكان العدوتين، عبر تنظيم أنشطة تحسيسة بالتنوع الحيوي وأنشطة ترفيهية ورياضية متكيفة ومحافظة على السكينة والتوازن.

وفي مداخلة تحت عنوان “تطور المنحنى العمراني للمدينة من مصب أبي رقراق منذ تأسيسها حتى أيامنا ” استعرض الأستاذ محمد السمار مختلف محطات التاريخ العمراني للمدينة من خلال المحطات التجارية للقرطاجيين والفنيقيين والرومانيين وأيضا المدينة الرومانية كولونيا SALLA الموجودة حاليا بموقع شالة الأثري، ثم نواة مدينة بني افران على الضفة اليمنى لأبي رقراق إلى جانب المرحلتين العمرانيتين للمدينة خلال عهد الحماية إلى الاستقلال في وقتنا الحاضر. وأنهى الأستاذ مداخلته بالتأكيد على أن مدينة الرباط بضفتيها ومدينة سلا بضفتيها هي مدينة واحدة وموحدة وأن لكل عدوة خصوصياتها.

من جانبه أكد الأستاذ محمد السعديين في مداخلة حول ” حوالة أحباس سلا مصدرا لتاريخ نهر أبي رقراق”، أن تاريخ العدوتين يرتبط بتاريخ نهر أبي رقراق الذي كان لتعدد وظائفه انعكاسات على مختلف مجالات هاتين المدينتين، إذ لا يجادل أحد في القيمة المصدرية القصوى للحوالات الحبسية التي تضم معلومات غاية في الأهمية حول الأشخاص والمآثر والمشاريع، وهو ما أوضحه الأستاذ من خلال حوالة أحباس سلا مركزا على الحيز الذي شغله نهر أبي رقراق في هذا المصدر على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، وانعكاسات ذلك على مدينة سلا، كما وقف الأستاذ عند دور نهر أبي رقراق في تمتين الجسور بين سلا وقبائل الجوار.

b2

– الجلسة الثانية “محطات من تاريخ أبي رقراق”:

قدم الأستاذ عزالمغرب معنينو في مداخلته حول “علاقة سلا بمرساها النهري قديما وحديثا” دراسة كرونولوجية تهتم بتطور مرسى نهر أبي رقراق وعلاقتها بتاريخ مدينتين سلا والرباط عبر الحقب والعصور مبرزا كيف أن العوامل الطبيعية البشرية انعكست سلبا على البيئة الحاضنة لمجرى نهر أبي رقراق، وأن ثلوثه أفضى إلى القضاء على عيش الأسماك بداخله، ليصبح النهر مجرد درع بحري مالح تنعدم فيه الحياة، غير أن الأمل سينتعش مجددا مع انطلاق مشروع تهيئة ضفتي أبي رقراق لتعود الحياة إلى الرقراق الخالد.

وفي مداخلة تحت عنوان “كتابات أوربية حول مدن أبي رقراق” واستنادا إلى ما كتبه مهتمون أوربيون منهم الأسرى والقناصلة والدبلوماسيون والرحالة والجواسيس وبعض المؤرخين، رسم الأستاذ العربي واحي صورة عن مجال مدن أبي رقراق خلال الحقبة الممتدة بين أواسط القرن السابع عشر ومطلع القرن العشرين، حيث ظلت المنطقة محط اهتمام الأوروبيين لأسباب متعددة منها ما يرتبط بالموقع الجغرافي وقدم الاستقرار البشري به وكذلك الموارد الطبيعية والبشرية التي زخرت بها هذه المنطقة.