المدينة العتيقة

medina_1

أسست مدينة سلا من طرف بني يفرن خلال القرن العاشر،واستولى عليها المرابطون سنة1028م.

و خلال القرن الحادي عشر، عرفت مدينة سلا ازدهارا حقيقيا في عهد الموحدين ثم في عهد المرينيين( القرن الرابع عشر)، بفضل موقعها الاستراتيجي على الطريق البرية فاس- مراكش و بفضل مينائها الذي شكل مركزا للتبادل بين المغرب و أوروبا .
و في القرن السابع عشر ، أعطى تدفق المسلمين و اليهود الذين طردوا من اسبانيا دفعة جديدة للمدينة (سلا القديمة)، و خلق تنافسا مع مدينة الرباط المجاورة ( والتي كانت تسمى حينها بسلا الجديدة).
و في تلك الفترة ، اشتهرت سلا بنشاطها البحري المكثف، حيث جعل منها الأندلسيون المهاجرون عاصمة للقرصنة.
و قد سمح النشاط التجاري لسلا خلال القرن الثامن عشر بامتداد تأثيرها إلى مناطق نائية.
و بحلول القرن التاسع عشر، انتهى الدور التجاري المهيمن لسلا، و انغلقت المدينة على نفسها و بقيت طيلة القرن 19 و فترة الحماية الأجنبية مكانا مهما للحركة الثقافية ولحركة المقاومة ضد المستعمر.
و بالإضافة إلى كونها قوة بحرية و مهدا للثقافة العربية-الأندلسية، فإن مدينة سلا تعتبر مهدا للعديد من العائلات الكبيرة و المشهورة و للعديد من العلماء و الشخصيات البارزة و الرائدة في مجال الوطنية و المقاومة المغربية للاستعمار.
و تشهد المعالم التاريخية المتنوعة على الماضي المجيد لهذه المدينة.medina sala

أبواب المدينة العتيقة لسلا:

باب لمريسة

هُو أكبر باب تاريخي بالمغرب بني في مدينة سلا من طرف السلطان المريني أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق حيث أنه شارك مشاركة فعلية في أعمال البناء، بين سنوات 658 و 668 هجري (1270 و 1280 ميلادي)، حسب رواية الناصري، فإن المعماري الذي أشرف على المشروع يدعى محمد بن علي، وأصله من إشبيلية، الميناء المحمي، الذي يمكن استخدامه كدار للصناعة (صناعة السفن)، والذي يوصل المدينة بوادي أبي رقراق. ويُقدم واجهة حجرية تزينها زخرفة جميلة منحوتة بنقائش كتابية وتشبيكات زهرية. يحصن برجان مستطيلان، يبلغ بروزهما 2.20 متر وعرضهما 3.50 أمتار، قوسا كبيرا على شكل حدوة حصان منكسر، تصل فتحته إلى حوالي 9 أمتار وترتفع قمته، رغم تعلية الأرضية وتراكم الرمل بالحوض والقناة وتغطيتهما، إلى 9.60 أمتار.

باب سبتة

من أكثر أبواب سلا إثارة للزائر يقع في الجانب الشمالي الغربي للسور ، يتميز ببرجه الضخم حيث كانت تدار شؤون المدينة في عهد الحاكم عبد الحق فنيش (1738-1757) سمي بهذا الإسم لأن الذاهب إلى مدينة سبتة انطلاقا من سلا كان لا بد أن يمر عبره.

باب بوحاجة

باب كبير هدم في الستينات. يحمل اسم الولي الصالح الأندلسي سيدي إبراهيم بوحاجة الرندي، وهو الذي كان يحافظ على زاوية النساك في القرن الرابع عشر.bab_elkhmiss

باب دار الصناعة

من ابواب مدينة سلا التاريخية، ويُعرف بباب الفران وباب عنتر، لأن فيه ترسانة ومصنع أسلحة القراصنة، بناه السلطان أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق المريني سنة 1261م بإشراف المهندس الأندلسي محمد بن الحاج الإشبيلي

باب شعفة

من ابواب مدينة سلا التاريخية، ويتميز بروعة وتناسق التصميم، بعلو يقترب من خمسة أمتار ويضم كذلك باب سبع بنات.

باب معلقة

من أبواب مدينة سلا التاريخية، تطل على المقبرة والبحر، إنه لا يشبه أبواب المدينة الأخرى شكلا ولا حجما، فهو عبارة عن بوابة صغيرة لا زالت تتوفر على دفتين خشبيتين، اكتسبت أهميتها لأنها كانت تخصص للسلطان خلال زيارته لبعض الأمكنة في المدينة.

باب الخميس

بالجهة الشرقية للمدينة يقع باب الخميس، و هي التسمية الجديدة لباب فاس، الذي كان مدخل المدينة الوحيد من هذه الجهة، قبل أن يغلق نهائيا في عام 1991، و يغدو معلمة سلاوية تستقر قربها مدفعين حربيين، ليصبح المدخل الشرقي للمدينة عبارة عن بوابة صغيرة فرعية مجاورة له،.
medina_2

أبراج المدينة العتيقة لسلا:

برج باب سبتة

بني في سنة 1738 من قبل الحاكم عبد الحق فنيش، وهناك كانت تدار شؤون المدينة .

برج الدموع

أو السقالة القديمة تم بناؤها عام 1759 من طرف السلطان سيدي محمد بن عبد الله، وتوجد بها مدافع مصنوعة من البرونز. و يسمى أيضا ببرج سيدي بنعاشرmedina43

برج الروكني

يدعى أيضا برج الكبير أو السقالة الجديدة شيدت في عام 1853 من قبل أبو الفضل عبد الرحمن بن هشام .

برج الملاح

يوجد قرب باب لمريسة.

برج المُثمن

سمي لأنه يحتوي على 8 أضلاع.

medina_3

مساجد المدينة العتيقة لسلا:

المسجد الأعظم

يظل جامع المسجد الأعظم بسلا و ما يعرف لدى الساكنة السلاوية بالجامع الكبير ويُعتبر ضمن المآثر الروحية والعلمية التي تميز المدينة، ويعتبر من أعظم المساجد في العالم الإسلامي، جرى توسيعه وإعادة بنائه في عهد السلطان الموحدي أبو يوسف يعقوب بن يوسف المنصور سنة 593 هـ (1196 م) ، وكان أول من ولي الخطبة فيه على عهد مؤسسه يعقوب المنصور الفقيه أبا محمد عبد الله ابن سليمان الأنصاري قاضي مدينتي سلا ورباط الفتح.

أقيم المسجد الأعظم فوق مساحة شاسعة تزيد عن 5070 مترا مربعا، تغطي مربعا منحرف الشكل، وتضم ساحته أسوارا عالية، قاعتين للصلاة وثلاثة صحون ومجموعة من الملحقات، وجاء كباقي المساجد الموحدية ليضاهي أكبر الجوامع الإسلامية بأعمدته العالية وأقواسه المختلفة الأشكال وتصميمه المحكم.medina41

مسجد الشهباء

هو ثاني مسجد بني بسلا من قبل السلطان المرابطي يوسف بن تاشفين في النصف الثاني من القرن الحادي عشر و أعيد ترميمه في أواسط القرن العشرين.

مسجد سيدي احمد حجي

أمر السلطان مولاي إسماعيل بن علي الشريف ببناء المسجد الذي يحمل اسم سيدي احمد حجي بمنطقة السوق الكبير بالمدينة العتيقة وهو من صلحاء مدينة سلا، اشتهر كزاهد ثم كمشارك في تحرير قصبة المهدية من الإسبان سنة 1681 ، وهو من أتباع الطريقة الجازولية.
medina_4

أضرحة المدينة العتيقة لسلا:

medina_5

اشتهرت مدينة سلا بوجود العديد من الزوايا و الرباطات، وأهم زاوية في مدينة سلا عصر بني مرين زاوية النساك التي بناها أبو عنان للغرباء والواردين عليها.

وتضم سلا العتيقة اليوم عددا كبيرا من الأولياء والصلحاء تضاربت أسماء بعضهم واختلفت عند العوام؛ وتفاوتت أضرحتهم من حيث الأهمية والتنظيم، منها ما هو معروف على الصعيد الوطني كضريح الولي الصالح سيدي عبد الله بن حسون الذي اقترن اسمه بموكب الشموع، وضريح الولي الصالح سيدي أحمد بن عاشر، الذي اشتهر عند العوام بإبراء الزوار المصابين بالصرع والأمراض العقلية، وهناك زوايا لها أنشطة إشعاعية وموسمية خاصة في المولد النبوي الشريف، وأكثر الأضرحة في سلا عبارة عن أماكن مهجورة هي مأوى للفقراء والمساكين، وأخرى لا تعرف إلا كأسماء لدروب وأزقة.

وتتمركز أولى الزوايا والأضرحة بسلا في ثلاث مراكز كبرى، وهي الطالعة وزناتة والبليدة؛ لأن هذه الأحياء كانت النواة للمدينة عصر بني العشرة؛ وبها أقدم الأضرحة، ولما جاء المرابطون، توسعت المدينة فبنوا مسجد الشهباء، وفي عصر الموحدين بنيت بورمادة وبنوا المسجد الأعظم على أنقاض مسجد بني العشرة، الذي بقي منه جزء كان يضم أقدم صلحاء سلا وهو سيدي عبد الحليم الغماد تـ 590هـ / 1193م.

وفي عهد المرينيين تكاثرت الأضرحة بالطالعة وزناتة وباب أحساين؛ ويعود السبب في ذلك إلى المدرسة المرينية التي بناها أبو الحسن عام 1340م؛ دون أن ننسى المسجد الأعظم الذي هو المركز والنواة لكل طلاب العلم، حيث كان القضاة والعلماء منذ عصر بني العشرة يلقون دروسا، وقد ساعد على ذلك رعاية أبي الحسن حيث جلب الماء الضروري للوضوء للمدرسة والمسجد عن طريق أقواس سلا.

وانتشرت الأضرحة والزوايا أيضا بباب أحساين عندما بنى أبو عنان المدرسة التي أصبحت مارستانا.

وبقيت جغرافية الأضرحة تدور في هذا الموقع حتى القرن السادس عشر الميلادي، حين قدم سيدي عبد الله بن حسون من سلاس، وتشير الروايات إلى الإجماع الذي حصل عليه من عامة الناس والأولياء الأموات منهم والأحياء؛ والذين نصبوه سلطانا عليهم في سلا؛ ومن صلحاء الطالعة سيدي محمد مفضل 1071هـ؛ وسيدي أحمد الطالب 1072هـ.

وآخر أولياء سلا وفاة سيدي أحمد حجي 1103هـ، وابنه عبد الله الجزار 1122هـ، والحسن العايدي 1131هـ،

أما أقدم الصلحاء خارج الأسوار، فنجد ضريح سيدي بلعباس 540هـ / 1145م، الذي فضل الإنزواء بعدما تصدق بكل أمواله، وقد تم بناء ضريحه بعد قرنين على وفاته بأمر من أبي عنان، ورمم في عصر المولى إسماعيل.

والثاني هو أبو موسى الدكالي (ت 550هـ)؛ كان أيضا منعزلا يعيش من سمك البحر، ويأكل البقول، كان يقطن أول الأمر في فندق الزيت في عصره، والذي أصبح مدرسة ومارستانا في عهد أبي عنان؛ ثم دارا للقاضي بعد الحرب العالمية الأولى؛ توفي أبو موسى الدكالي برياض بني العشرة، ثم نقلت رفاته ملالة بنت زيادة الله بعد أسبوع في مكانه الحالي وبنت عليه قبة ضخمة؛ رممت بعد خمسة قرون عصر المولى اسماعيل.

وقد انتشرت الزوايا في سلا بداية القرن 19؛ وهي عبارة عن فروع لزوايا وطرق وطنية منها ما جاء شيخها متشبعا بأفكاره خارج سلا كالزاوية التهامية مثلا بالصف؛ التي أنشئت في عهد سيدي محمد بن عبد الله؛ وأصل تهامة هم شرفاء وزانيون قدموا إلى سلا؛ وأول من سكن من هذه العائلة هو مولاي إبراهيم الذي دخل سلا بإشارة من الولي الصالح سيدي الحاج العربي الوزاني.

ومن الزوايا التي يعود مقرها إلى القرن 6هـ / 12م الزاوية الدرقاوية؛ وهي في الأصل ضريح الولي الصالح أبي علي الشريشي البكاء؛ ثم انتقلت إلى أتباع مولاي أحمد الصقلي الفاسي عصر المرينيين الذين بنوا الزاوية؛ ثم انتقلت في القرن 19هـ إلى أتباع مولاي العربي الدرقاوي.

ومن الزوايا التي بنيت حديثا بسلا، الزواية الكتانية مثلا، حيث تم تصميمها وبناؤها عام 1902م من طرف مؤسس الطريقة الكتانية الأحمدية الشيخ سيدي محمد بن عبد الكبير الكتاني، والتي كانت في الأصل روضا خاصا بعائلة بن سعيد.

(مادة الزوايا والأضرحة مأخودة من موقع المجلس المحلي لعمالة سلا بتصرف)